معدلات البطالة في أمريكا: تاريخ من التقلبات وتأثير كبير على الاقتصاد العالمي

0
187
معدلات البطالة في أمريكا
معدلات البطالة في أمريكا

تُعد معدلات البطالة في أمريكا من أهم المؤشرات الاقتصادية التي تحظى باهتمام بالغ من قبل الحكومات والمستثمرين والمواطنين على حد سواء. تعكس هذه المعدلات صحة الاقتصاد وقدرته على توفير فرص العمل، كما تؤثر بشكل مباشر على القوة الشرائية والاستقرار الاجتماعي. في هذا المقال، سنستعرض تطور معدلات البطالة في أمريكا، والعوامل المؤثرة فيها، وتأثيرها على الاقتصاد المحلي والعالمي، بالإضافة إلى التوقعات المستقبلية.

1.    نظرة عامة على معدلات البطالة في أمريكا

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تقلبات كبيرة في معدلات البطالة على مر السنين، حيث تأثرت بالأزمات الاقتصادية، والتغيرات السياسية، والعوامل العالمية مثل جائحة كوفيد-19. وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل (BLS)، بلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة في عام 2023 حوالي 3.6%، وهو من أدنى المعدلات المسجلة منذ عقود.

2. محطات بارزة في تاريخ البطالة الأمريكية:

  • عام 2010: بلغ متوسط معدل البطالة 9.6%، بعد تبعات الأزمة المالية العالمية التي اندلعت عقب انهيار سوق الإسكان في 2008.
  • أبريل 2020: سجلت الولايات المتحدة أعلى معدل بطالة شهري في تاريخها الحديث بنسبة 14.7%، نتيجة لتوقف الأنشطة الاقتصادية جراء جائحة كوفيد-19.
  • الفترة بين 1981 و1983: ارتفع المعدل إلى حوالي 11% بسبب السياسات النقدية الانكماشية الصارمة التي انتهجها الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة التضخم. تم رفع أسعار الفائدة بشكل كبير للسيطرة على التضخم الناتج عن الإنفاق الحكومي المتزايد في السبعينيات، مما أدى إلى ركود مؤقت وارتفاع البطالة.
  • الكساد العظيم (1933): بلغ معدل البطالة ذروته عند 24.5%، وهو الأعلى في تاريخ البلاد. نتج هذا الانهيار الاقتصادي الحاد عن أزمة سوق الأسهم عام 1929، والإفراط في الإنتاج، وانخفاض الأجور، إضافة إلى تراجع الثقة في النظام الاقتصادي.

تحسنت الظروف تدريجيًا بعد انتخاب الرئيس فرانكلين د. روزفلت، الذي أطلق “الصفقة الجديدة”، وهي حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، شملت برامج خلق فرص عمل، إعانات بطالة، دعم زراعي، وبناء مشاريع بنية تحتية كبرى ساعدت في استعادة النشاط الاقتصادي.

  • أدنى معدل بطالة سُجِّل في مايو ويونيو 1953 بنسبة 2.5%، خلال فترة الازدهار الاقتصادي التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. شهدت هذه المرحلة نموًا سريعًا في الناتج المحلي وزيادة في الإنتاج والعمالة، بدعم من التفاؤل العام وارتفاع معدلات المواليد.

متوسط معدل البطالة في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس الأخيرة:

السنة20192020202120222023
النسبة3.7%8.1%5.4%3.6%3.6%

يتضح من الجدول أن معدل البطالة عاد إلى مستوياته الطبيعية بعد صدمة عام 2020، في ظل تعافي الاقتصاد واستقرار سوق العمل.

  • 2025-2024شهدت معدلات البطالة في الولايات المتحدة تقلبات طفيفة خلال الفترة من ديسمبر 2024 إلى مايو 2025، حيث تراوحت بين 4.0% و4.2%، وفقًا لبيانات مكتب إحصاءات العمل. وفي إصدار يوم 02 مايو 2025، سجل المعدل 4.2%، مطابقًا للتوقعات والمعدل السابق. بينما أظهرت البيانات السابقة انخفاضًا طفيفًا إلى 4.1% في مارس 2025، و4.0% في فبراير، قبل أن تعاود الارتفاع بشكل متدرج.

3.    العوامل المؤثرة في معدلات البطالة في أمريكا

تتأثر معدلات البطالة في أمريكا بعدة عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية، من أبرزها:

 .1 النمو الاقتصادي والسياسات الحكومية

  • تلعب سياسات الإدارة الأمريكية دورًا حاسمًا في خلق فرص العمل. على سبيل المثال، ساهمت سياسات خفض الضرائب في عهد الرئيس ترامب في زيادة الاستثمارات وانخفاض البطالة.
  • تؤثر قرارات الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بشأن أسعار الفائدة على النشاط الاقتصادي وفرص التوظيف.

 .2 التغيرات التكنولوجية والتحول الرقمي

  • أدت الثورة التكنولوجية إلى اختفاء بعض الوظائف التقليدية، لكنها خلقت فرصًا جديدة في قطاعات مثل البرمجة والذكاء الاصطناعي.
  • يتطلب سوق العمل الأمريكي حاليًا مهارات رقمية متقدمة، مما يزيد من بطالة العمالة غير المؤهلة.

.3 العولمة والمنافسة الدولية

  • نقل بعض الشركات الأمريكية مصانعها إلى دول ذات عمالة رخيصة، مما أثر على فرص العمل في القطاع الصناعي.
  • من ناحية أخرى، ساعدت الصادرات الأمريكية في دعم الوظائف في قطاعات مثل التكنولوجيا والزراعة.

4.    معدلات البطالة في أمريكا: كيف يتم جمع البيانات وتحليلها؟

يُعد تقرير معدلات البطالة في أمريكا أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التي تُستخدم لقياس صحة سوق العمل. ولكن كيف يتم جمع هذه البيانات وما هي الآليات المستخدمة في تحليلها؟

كيف يتم جمع بيانات البطالة الأمريكية؟

تُجمع بيانات البطالة في الولايات المتحدة من خلال مسحين رئيسيين:

1.      المسح السكاني الحالي (CPS)

    • يُجرى شهريًا منذ عام 1940 بواسطة مكتب إحصاءات العمل (BLS).
    • يُغطي حوالي 60,000 أسرة، ويُصنف المشاركون كـ “عاطلين عن العمل” إذا كانوا:
      • لا يعملون.
      • يبحثون بنشاط عن عمل خلال الأسابيع الأربعة الماضية.
      • متاحون للعمل.
    • يُستخدم هذا المسح لحساب معدل البطالة الرسمي (U-3)، والذي يُعلن عنه شهريًا.

2.      مسح المؤسسات (CES)

    • يركز على عدد الوظائف المضافة أو المفقودة في القطاعات غير الزراعية.
    • يشمل بيانات حول الرواتب وساعات العمل، مما يوفر رؤية أوسع لسوق العمل.

5.    كيف تؤثر معدلات البطالة في أمريكا على الاقتصاد؟

  • العلاقة مع التضخم: وفقًا لمنحنى فيليبس، هناك علاقة عكسية بين معدلات البطالة والتضخم. فعندما تنخفض البطالة، يرتفع الطلب على العمالة، مما قد يؤدي إلى زيادة الأجور والتضخم.
  • تأثيرها على الأسواق المالية:
    • ارتفاع معدلات البطالة → إشارة إلى ضعف الاقتصاد → انخفاض في أسواق الأسهم.
    • انخفاض معدلات البطالة → تعافي اقتصادي → صعود في الأسهم وقوة الدولار.

6.    الانتقادات حول دقة البيانات

  • لا تشمل البيانات الأشخاص الذين توقفوا عن البحث عن عمل (العمال المحبطين).
  • قد تُبالغ في تقدير البطالة إذا أُدرج أشخاص لا يبحثون عن عمل بجدية.
  • لا تغطي العمالة غير الرسمية (مثل العمل الحر غير المسجل).

7.    كيف يمكن للمتداولين الاستفادة من تقارير البطالة؟

  1. التحليل الفوري: ردود الفعل السريعة على بيانات معدلات البطالة يمكن أن تؤدي إلى تحركات كبيرة في سوق الفوركس والأسهم.
  2. الاستراتيجيات طويلة الأجل: مراقبة الاتجاهات الشهرية يساعد في توقع سياسات الاحتياطي الفيدرالي (مثل تغيير أسعار الفائدة).
  3. إدارة المخاطر: استخدام أوامر وقف الخسارة لتجنب التقلبات الحادة بعد إصدار البيانات.

8.    مقارنة معدلات البطالة في أمريكا مع دول أخرى

الدولةمعدل البطالة (2023)
الولايات المتحدة3.6%
المملكة المتحدة4.2%
ألمانيا3.0%
فرنسا7.4%
اليابان2.6%

تُظهر المقارنة حسب عام 2023 أن معدلات البطالة في أمريكا تعتبر منخفضة مقارنة بمعظم الاقتصادات المتقدمة، مما يعكس قوة سوق العمل الأمريكي.

الخاتمة

تُعد معدلات البطالة في أمريكا مؤشرًا حيويًا لصحة الاقتصاد، وتتأثر بعوامل متعددة مثل السياسات الحكومية، التكنولوجيا، والعولمة. بينما تشهد الولايات المتحدة حاليًا معدلات بطالة منخفضة، تظل هناك تحديات تحتاج إلى معالجة لضمان استمرار النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. مع التطورات التكنولوجية والاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية، من المتوقع أن يحافظ الاقتصاد الأمريكي على قوته في السنوات القادمة.

المرجع

Previous articleافضل بنوك الإمارات 2025: 10 خيارات مضمونة لفتح حساب بنكي بسهولة
Next article🏆 أفضل المطورين العقاريين في دبي 2025: الفخامة والاستثمار في آن! 📈
Natalie Hadid
Natalie Hadid is a seasoned economist and a proficient writer, dedicated to elucidating the intricacies of the economic world to her audience. With a Master's Degree in Economics from Harvard University, Natalie has spent over a decade investigating global economic trends, finance, and business strategy, and is well-known for her insightful analysis and clear, accessible writing style.Prior to becoming a full-time economics blogger, Natalie worked as an Economic Analyst for the International Monetary Fund (IMF), where she provided key insights and proposed policy recommendations for emerging economies. Her substantial experience in the field allows her to delve into complex economic scenarios and emerge with comprehensible narratives that appeal to both economic scholars and laypeople alike.Natalie has an inherent knack for demystifying complicated economic theories, turning them into engaging stories and practical advice for her readers. She fervently believes that everyone should have the ability to understand and navigate the financial landscapes that shape our world, and she has devoted her career to making this a reality.When she's not submerged in her latest economic research or blog post, Natalie enjoys hiking, playing the piano, and exploring the local food scene. She values dialogue and engagement, so don't hesitate to leave a comment or a question under her articles—she's always eager to stimulate discussion and learning.Join Natalie as she unravels the world of economics on our blog, simplifying the complex and highlighting the relevance of economics in everyday life.