شهدت العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية تطورًا كبيرًا على مدى العقود الماضية، حيث أصبحت الاستثمارات السعودية في أمريكا أحد أبرز محركات النمو والشراكة الاستراتيجية بين البلدين. تتنوع هذه الاستثمارات بين قطاعات الطاقة والتقنية والصناعات الدفاعية، مما يعكس عمق العلاقات الثنائية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.
في هذا المقال، سنستعرض عن حجم الاستثمارات السعودية في أمريكا، وأبرز القطاعات المستهدفة، وأحدث الاتفاقيات بين البلدين، بالإضافة إلى تحليل التبادل التجاري وأهم الواردات والصادرات.
ما هي الاستثمارات السعودية في أمريكا؟
تعد الاستثمارات السعودية في أمريكا من بين أكبر الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، حيث تصل قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات. تشمل هذه الاستثمارات مجالات متنوعة، أبرزها:
- القطاع النفطي والطاقة: تستثمر المملكة في شركات النفط والغاز الأمريكية، بالإضافة إلى مشاريع الطاقة المتجددة.
- الصناعات الدفاعية والتسليح: تمتلك السعودية عقودًا ضخمة مع الشركات الأمريكية لشراء الأسلحة والتقنيات العسكرية.
- القطاع التكنولوجي والذكاء الاصطناعي: تدخل المملكة في شراكات مع كبرى الشركات التقنية في وادي السيليكون.
- الاستثمارات العقارية والبنية التحتية: تمتلك السعودية استثمارات كبيرة في المشاريع العقارية الأمريكية.
- الاستثمار في السندات الأمريكية: تمتلك المملكة حصة كبيرة من سندات الخزانة الأمريكية.
أحدث الاتفاقيات بين السعودية وأمريكا
شهدت زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية في مايو 2025 إعلان سلسلة من الاتفاقيات التاريخية بقيمة إجمالية بلغت 600 مليار دولار، تمثل نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بين البلدين. جاءت هذه الصفقات في إطار منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي 2025 الذي عُقد في الرياض، حيث ركزت على ثلاثة محاور رئيسية: التحديث الدفاعي، والتحول التقني، والتنمية المستدامة. إليك التفاصيل الكاملة:
- الاتفاقيات الدفاعية (142 مليار دولار)
أكبر صفقة أسلحة في التاريخ الأمريكي السعودي
- القيمة: 142 مليار دولار .
- الأطراف: وزارتا الدفاع في البلدين، مع مشاركة 12 شركة أمريكية متخصصة في الصناعات العسكرية.
- المكونات الرئيسية:
- تحديث القوات الجوية: توريد طائرات مقاتلة متطورة (مثل F-35) وأنظمة دفاع جوي (بما في ذلك صواريخ باتريوت) .
- تعزيز الأمن البحري: سفن حربية وأنظمة مراقبة سواحل .
- التدريب والدعم الفني: إنشاء أكاديميات عسكرية مشتركة وبرامج تدريبية طويلة الأمد .
- الهدف: تعزيز القدرات السعودية لمواجهة التهديدات الإقليمية، لا سيما من إيران والحوثيين .
- استثمارات الطاقة النظيفة والبنية التحتية
أبرز المشاريع:
- توربينات الغاز وحلول الطاقة:
- القيمة: 14.2 مليار دولار مع شركة GE Vernova .
- التفاصيل: تركيب توربينات غازية في محطات الطاقة السعودية، مع نقل تقنيات الطاقة النظيفة.
- البنية التحتية العملاقة:
- مطار الملك سلمان الدولي ومدينة القدية: تنفيذ مشاريع بقيمة 2 مليار دولار بشراكة شركات أمريكية مثل Parsons وJacobs .
- مشاريع الغاز الطبيعي المسال: تعاون بين أرامكو وشركتي NextDecade وSempra الأمريكيتين .
- الرعاية الصحية:
- استثمار 5.8 مليار دولار في مصنع للمحاليل الوريدية بولاية ميشيغان .
- الشراكات التقنية في الذكاء الاصطناعي والفضاء
الذكاء الاصطناعي: قلب التحول الرقمي
- شركة “هيومين” السعودية:
- شراكة مع أمازون ويب سيرفيسز: استثمار 5 مليارات دولار لإنشاء “منطقة الذكاء الاصطناعي” في المملكة .
- تعاون مع AMD وNVIDIA: بناء بنية تحتية للحوسبة السحابية بقيمة 10 مليارات دولار .
- مراكز البيانات الأمريكية:
- استثمار 20 مليار دولار عبر شركة DataVolt في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة .
- الصفقة التقنية الشاملة:
- التزام مشترك بين Google وOracle وSalesforce باستثمار 80 مليار دولار في التقنيات الناشئة .
الفضاء: التعاون مع ناسا
- اتفاقية “كيوب سات“:
- تعاون بين وكالة الفضاء السعودية وناسا لرصد الطقس الفضائي ضمن مهمة أرتميس 2 .
- تبادل بيانات الأقمار الصناعية وتطوير الأبحاث المشتركة.
السياق الاستراتيجي للاتفاقيات
- التوقيت: جاءت الزيارة في ظل سعي السعودية لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط عبر رؤية 2030، بينما سعت أمريكا لتعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة .
- التحديات:
- انتقادات حول “تسييس” المنتدى بعد إعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا خلاله .
- مخاوف من تركيز الاستثمارات على القطاع الدفاعي على حساب التنمية الاجتماعية .
حجم الاستثمارات السعودية في أمريكا
- الاستثمارات في السندات الأمريكية
وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، بلغت حيازات السعودية من السندات الأمريكية 200.1 مليار دولار في مارس 2025، مقارنة بـ 151.9 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق. وهذا يوضح النمو الكبير في الاستثمارات السعودية في أمريكا، خاصة في الأدوات المالية الآمنة.
- الاستثمارات في القطاع الدفاعي
تعد الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة للسعودية، حيث وقعت المملكة اتفاقية دفاع جديدة بقيمة 142 مليار دولار في مايو 2025، تشمل:
- تحديث الطائرات الحربية وأنظمة الدفاع الجوي.
- تعزيز الأمن السيبراني والقدرات الفضائية.
- تطوير البنية التحتية العسكرية.
- الاستثمارات في الطاقة والتكنولوجيا
- استثمارات أرامكو في مصافي النفط الأمريكية مثل “موتيفا” و”بورت آرثر”.
- استثمارات صندوق الاستثمارات العامة (PIF) في شركات مثل أوبر ولوسيد موتورز.
- شراكات مع شركات التكنولوجيا مثل جوجل وأمازون في مشاريع الذكاء الاصطناعي.
قيمة الاستثمارات السعودية في امريكا
شهد منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي 2025 إعلان المملكة عن زيادة قيمة الاستثمارات السعودية في أمريكا لتصل إلى 600 مليار دولار، مع خطط لرفعها إلى تريليون دولار خلال السنوات المقبلة. وتشمل هذه الاستثمارات قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والبنية التحتية، مما يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. كما أكد المنتدى على التزام السعودية بتعزيز قيمة الاستثمارات السعودية في أمريكا عبر مشاريع مشتركة طويلة الأجل تدعم رؤية 2030.
التبادل التجاري بين السعودية وأمريكا
أبرز الواردات السعودية من الولايات المتحدة
- الآلات والمعدات الصناعية
- القيمة: 4.93 مليار دولار
- تشمل: معدات النفط والغاز، التوربينات، والمعدات الصناعية الثقيلة.
- المركبات والطائرات
- القيمة: 2.9 مليار دولار
- تشمل: السيارات، قطع غيار الطائرات، والمعدات الجوية.
- الأجهزة الطبية والتقنية
- القيمة: 1.39 مليار دولار
- تشمل: المعدات التشخيصية، الأجهزة الإلكترونية، وتقنيات الرعاية الصحية.
- الآلات والمعدات الصناعية
أبرز الصادرات السعودية إلى الولايات المتحدة
- النفط والمنتجات البترولية
- القيمة: 10.71 مليار دولار
- تشمل: النفط الخام، البنزين، والمنتجات المكررة.
- المواد الكيميائية
- القيمة: 801.88 مليون دولار
- تشمل: البتروكيماويات، المواد الخام للصناعات الدوائية والزراعية.
- الأسمدة
- القيمة: 797.09 مليون دولار
- تشمل: أسمدة اليوريا، الفوسفات، ومركبات البوتاسيوم.
- النفط والمنتجات البترولية
ملاحظات إضافية
- الفائض التجاري: حققت السعودية فائضًا في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة في معظم شهور 2024، حيث شكلت الصادرات النفطية 78% من إجمالي الصادرات.
- التوجهات المستقبلية: تتجه السعودية لزيادة صادراتها غير النفطية، خاصة في القطاعات الكيميائية والبتروكيماوية، في إطار استراتيجية تنويع الاقتصاد وفق رؤية 2030.
خاتمة
تعد الاستثمارات السعودية في أمريكا ركيزة أساسية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تساهم في تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والدفاع والتكنولوجيا. مع توقيع اتفاقيات جديدة بقيمة 600 مليار دولار، من المتوقع أن تشهد هذه الاستثمارات مزيدًا من النمو، مما يعزز مكانة المملكة كشريك اقتصادي رئيسي للولايات المتحدة.
من خلال تحليل البيانات، يتضح أن الاستثمارات السعودية في أمريكا ليست فقط مصدرًا للتمويل، ولكنها أيضًا جسر للتعاون الاستراتيجي الذي يخدم مصالح البلدين على المدى الطويل.
المرجع